إثر اتفاق المصالحة يتوقع بتقديرنا أن تحاول حماس المناورة بين تمسكها بثوابتها المتشددة وبين مصلحتها في جني ثمار اتفاقها مع فتح على الصعيد الداخلي الفلسطيني والسياسي الخارجي والإعلامي


على اليمين: كبار مسؤولي حماس (من اليمين: موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وإسماعيل هنية رئيس حكم حماس في القطاع) والمسؤول في فتح عزام الأحمد، بعد حفل توقيع اتفاق المصالحة في غزة (فلسطين الآن، 23 نيسان / أبريل 2014).  على اليسار: تواقيع مسؤولي حماس ووفد فتح على اتفاق المصالحة الفلسطينية (صفحة فتح الرسمية على الفيس بوك، 23 نيسان / أبريل 2014)
على اليمين: كبار مسؤولي حماس (من اليمين: موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، وإسماعيل هنية رئيس حكم حماس في القطاع)والمسؤول في فتح عزام الأحمد، بعد حفل توقيع اتفاق المصالحة في غزة (فلسطين الآن، 23 نيسان / أبريل 2014).  على اليسار: تواقيع مسؤولي حماس ووفد فتح على اتفاق المصالحة الفلسطينية (صفحة فتح الرسمية على الفيس بوك، 23 نيسان / أبريل 2014)

عام

1.    يضع اتفاق المصالحة مع فتح (23 نيسان / أبريل) حماس أمام إشكالية، معروفة من الماضي، تتمثل في كيفية سلوكها في قضية النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فمن جهة، إن لحماس مصلحة (في المرحلة الحالية على الأقل) في دعم تطبيق اتفاق المصالحة، وعدم الظهور بمظهر من يحاول نسفه، وتجنب تزويد إسرائيل (التي تتهم السلطة الفلسطينية بإفشال المفاوضات) "بالذخيرة الإعلامية". كما أن حماس معنية بالاستفادة من الاتفاق في تحسين صورتها الدولية وتحسين أوضاع القطاع الاقتصادي، وتحسين علاقاتها مع مصر ورد الاتهامات بكونها منظمة إرهابية. ومن جهة أخرى، لا تنوي حماس تغيير ثوابتها المتشددة في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني وعلى رأسها رفضها الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونظرتها إلى الإرهاب (المسمى بالمقاومة") على أنه الإستراتيجية الرئيسية لدعم المصالح الفلسطينية.

2.    كانت قيادة حماس قد واجهت هذه الإشكالية عند تعاملها مع اتفاقي المصالحة السابقين، وأولهما في القاهرة (4 أيار / مايو 2011) والثاني في الدوحة (6 شباط / فبراير 2012). وقد لجأت في السابق في مواجهة هذه الإشكالية إلى التظاهر بمظهر البراغماتية أمام الغرب وأمام السلطة الفلسطينية، والتأكيد "للآذان الفلسطينية" على أن حماس لم تتخلَّ قيد أنملة عن مواقفها هذه، حتى بعد المصالحة الداخلية الفلسطينية (للاطلاع على تحليل تصريحات مسؤولي حماس بعد توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، باعتبارها حالة اختبار قد يكون ذا صلة بالواقع الحالي، انظر ملحقا بهذه الوثيقة). إلا أن تجارب الماضي أثبتت أنه كلما مر الوقت، وكلما "ذابت" هذه الاتفاقات، كلما زاد خطاب حماس تصلبا وتم إبراز تمسكها بالثوابت المتشددة، وقلت المرونة التكتيكية التي كان الناطقون باسمها يظهرونها.

3.    وفي هذه المرحلة (الأولية) يكتفي متحدثو حماس بإبراز ما يجمع بينهم وبين فتح والسلطة الفلسطينية، وأحيانا يفعلون ذلك بالمناورة الكلامية، فعلى سبيل المثال أثنى المسؤول في حماس صالح البردويل، على خطاب أبو مازن في "المجلس المركزي" لمنظمة التحرير الفلسطينية (26 نيسان / أبريل 2014)، منوها إلى أن اعتراف الأخير بفشل المفاوضات مع إسرائيل (والذي نم عنه الخطاب، بحسب قوله) كان بادرة طيبة لتعزيز الوحدة الوطنية، كما أشاد بمواقف أبو مازن بشأن عدم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية والمطالبة بوقف البناء في المستوطنات والتمسك "بحق العودة"، ولكنه أضاف قائلا إنه من البديهي أن حماس لا ولن تعترف بإسرائيل" (الميادين، لبنان، قناة تلفزيونية مقربة إلى حزب الله، 26 نيسان / أبريل 2014)[1]. كما أشاد ناطقون آخرون بلسان حماس، ومنهم فوزي برهوم وباسم نعيم، أيضا بما قدموه على أنه اعتراف من أبو مازن بفشل المفاوضات والتمسك بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وعدم الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية (صفحة فوزي برهوم الناطق بلسان حماس على الفيس بوك، 26 نيسان / أبريل 2014؛ وكالة الصحافة الفرنسية، 26 نيسان / أبريل 2014، تصريح لباسم نعيم، مستشار إسماعيل هنية للشؤون الخارجية).

4.    كما أن مستشار رئيس حكم حماس للشؤون الإعلامية، طاهر النونو، نفى بشدة (قدس نت، 27 نيسان / أبريل 2014) ما نسبت له جريدة الواشنطن بوست الأمريكية من أقوال حول نية حماس في الاعتراف بدولة إسرائيل، قائلا إن قضية اعتراف حماس بدولة إسرائيل ليست قابلة للتطبيق بشكل من الأشكال. كما رفض الناطق بلسان حماس في الخارج حسام بدران جملة وتفصيلا أي نية لحماس "في الاعتراف بما يسمى إسرائيل"، بل أكد أن قضية الاعتراف "بشرعية الصهاينة" امر يجب رفضه وعدم مناقشته (صفحة حسام بدران على الفيس بوك، 27 نيسان / أبريل).

5.    وإلى حد علمنا في المرحلة الحالية، لم يتطرق الناطقون بلسان حماس بعد إلى قضية الكفاح المسلح ("المقاومة") وذلك إدراكا منهم لاختلاف المواقف في هذا الأمر بينهم وبين أبو مازن والسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فمن المتوقع أن تطفو هذه القضية المحورية على السطح في موعد لاحق، إن كان في إطار الإعلام الداخلي الذي قد يستلزم إيضاحا من حماس (ردا على اتهامات بانحراف حماس عن مساره على سبيل المثال)، أو دعما لاعتداءات إرهابية قد يتم ارتكابها انطلاقا من قطاع غزة والضفة الغربية.

ملحق أ
تصريحات مسؤولي حماس بعد عقد اتفاق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية في القاهرة (4 أيار / مايو 2011) باعتبارها حالة اختبار: التظاهر التكتيكي بالاعتدال إلى جانب التأكيد على الثوابت المتشددة
عام

1.    في 23 نيسان / أبريل 2014 تم في قطاع غزة التوقيع على اتفاق للمصالحة بين وفدين من فتح وحماس، وذلك استنادا إلى تعهد الطرفين بتطبيق البنود التي سبق الاتفاق حولها خلال مؤتمري القاهرة (4 أيار / مايو 2011) والدوحة (6 شباط / فبراير 2012). وقد تضمنت هذه البنود تشكيل حكومة وفاق وطني (أو "حكومة تكنوقراط" على حد تعبير أبو مازن) خلال خمسة أسابيع؛ إجراءانتخابات للرئاسة والمجلس التشريعي والمجلس الوطني الفلسطيني بالتزامن، وفي موعد أقصاه ستة شهور من تاريخ تشكيل حكومة الوحدة؛ استئناف عمل "لجنة المصالحة الاجتماعية" و"لجنة الحريات" اللتين تبحثان في تبادل الإفراج عن المعتقلين والسماح بالنشاط السياسي لفتح في القطاع والنشاط السياسي لحماس في الضفة الغربية، بالإضافة إلى انعقاد لجنة خاصة بإعادة تنظيم منظمة التحرير الفلسطينية.

2.    كان مسؤولو حماس في أعقاب توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة (4 أيار / مايو 2011) أدلوا بتصريحات استهدفت التظاهر بالبراغماتية أمام الغرب وإظهار موقف مسالم حيال السلطة الفلسطينية. ولكن مسؤولي حماس، وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، عادوا فأكدوا في الوقت نفسه أنه حتى بعد المصالحة الداخلية الفلسطينية لم تتخلَّ حماس قيد أنملة عن ثوابتها المتشددة في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. 

3.    وقد أوضح مسؤولو حماس من خلال تصريحاتهم العلنية بعد اتفاق القاهرة أنهم يعتبرون أنفسهم جزءً من عملية اتخاذ القرار السياسي في مرحلة الحكومة الانتقالية التي تقرر تشكيلها في إطار اتفاق المصالحة[2]. وأكدوا مرة أخرى أن حماس متمسكة مبدئيا بطريق "المقاومة" (أي الإرهاب)، ولكنها مستعدة للتوصل إلى توافق مع السلطة الفلسطينية/فتح بشأن أسلوب إدارة "المقاومة". كما أكدوا مرة أخرى أن حماس ترفض الاعتراف بإسرائيل (حتى لو تقرر إنشاء دولة فلسطينية ضمن حدود 1967)، وأنها لا تنوي القبول بقرارات "الرباعية" والتي لم تعد ذات شأن في رأيها بعد المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية.

4.    وفي نفس الوقت، وبغية عدم الظهور بمظهر من ينسف المصالحة، أوضح مسؤولو حماس عدم اعتراضهم على التحرك السياسي مع الأمم المتحدة الذي سيقود إلى إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، بشرط ألا يترافق ذلك بالاعتراف بإسرائيل والتخلي عن "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين. وعليه، فسوف يسمحون للسلطة الفلسطينية بالقيام بالتحرك السياسي في الأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر 2011 وإن كانوا لا يعقدون عليه أي أمل (واصفين إياه ب"كلام في الهواء" و"سيرك سياسي"). كما أعلنوا عن استعدادهم للتوصل إلى اتفاق حول أسلوب إدارة "المقاومة"، بما في ذلك الالتزام "بالتهدئة" في القطاع، وإن لم يكونوا ينوون التخلي عن طريق "المقاومة" (إي طريق الإرهاب والعنف).

5.    فيما يلي مقتطفات من تصريحات خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، وعدد آخر من مسؤولي حماس على خلفية اتفاق المصالحة المعقود في القاهرة، حول مختلف جوانب النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

مرجعية اتخاذ القرارات في قضايا النزاع

6.    قال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، في مقابلة لقناة النيل المصرية (9 أيار / مايو 2011) إنه خلال فترة الحكومة الانتقالية التي ستستمر نحو سنة لن يكون أبو مازن ومعاونوه وحدهم مسؤولين عن اتخاذ القرارات السياسية، وإنما يشارك في اتخاذها "الإطار القيادي المؤقت" (أي ستكون حماس التي تعتبر نفسها من مكونات "الإطار القيادي المؤقت" جزءً من عملية اتخاذ القرارات السياسية[3]).

7.    وأضاف خالد مشعل في تلك المقابلة أنه مدرك لنشوء عدد غير قليل من العقبات خلال الفترة الانتقالية، سيكون على الطرفين التعامل معها، مع أنه أعرب عن أمله في أن أجواء المصالحة ستسمح باتخاذ قرارات عبر طريق الوحدة الوطنية دون تدخلات و"حيل" خارجية.

التمسك المبدئي بطريق الإرهاب ("المقاومة") من جهة والاستعداد لمناقشة كيفية تطبيقها من جهة أخرى

8.   في مقابلة لقناة النيل المصرية (9 أيار / مايو 2011) أكد خالد مشعل أن العقيدة التي تعتمد عليها حركة حماس هي "المقاومة" ومن هنا سميت "حماس" ("حركة المقاومة الإسلامية")وأضاف أن حماس تؤمن بأن "المقاومة" "حق مشروع" مؤكدا أن "مبدأ المقاومة" لا يثير أي خلاف على الساحة الفلسطينية. ولكنه أشار مع ذلك إلا أن كيفية تطبيق مبدأ "المقاومة" وتحديد أشكالها (أي أشكال الإرهاب) وتوقيتها ومسألة الاختيار بين التهدئة والتصعيد – كل هذه قرارات سيتم اتخاذها ضمن "القرار الوطني" الفلسطيني. وعلى أية حال، فقد طبقت حماس في السابق وستسمر في تطبيق "مبدأ المقاومة" في المستقبل أيضا، حتى زوال "الاحتلال" (قناة النيل، 9 أيار / مايو 2011).  

9.    وفي مقابلة أخرى كرر خالد مشعل القول بان قضية "المقاومة" ليست موضع خلاف عند الشعب الفلسطيني، موضحا بأنه قد توجد خلافات بين فتح وحماس حول طرق "المقاومة" (أي طرق ارتكاب الإرهاب) ولكن يجب عدم نسيان كون الحركتين قد نشأتا عن البندقية وما هذه الخلافات إلا أمرا "طبيعيا" في شعب يعيش في ظل الاحتلال. ومضى يقول إن فتح أصبحت تتساءل كيف يمكنها ترسيخ المقاومة. وردا على سؤال عما إذا كان قد اتفق مع فتح على وضع سياسة "لا عنيفة" حيال إسرائيل، قال مشعل إن حركته أكدت لفتح والإعلام أهمية "المقاومة" بشتى صورها. ولكنه أضاف أنه من أجل المصالحة بين فتح وحماس والوحدة الوطنية، اتفق الجانبان على مناقشة أساليب إدارة "المقاومة" (مقابلة خالد مشعل لقناة الأقصى، 9 أيار / مايو 2011).

10.    وفي مقابلة لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية كرر خالد مشعل تأكيده على تمسك حماس "بالمقاومة"، مع إشارته مرة أخرى إلى وجوب الاتفاق حاليا على كيفية إدارة "المقاومة"، حيث قال: "How to manage the resistance, what's the best way to achieve our goals, when to escalate and when to cease fire, now we have to agree on all those decisions as Palestinians" (Wall Street Journal Online, May 7, 2001).

11.    أوضح محمود الزهار، من كبار مسؤولي حماس في القطاع، أن لا تناقض بين "التهدئة" (التي سادت القطاع آنذاك) وبين مبدأ "المقاومة". وقال إن "التهدئة" مع إسرائيل جاءت في إطار "مشروع المقاومة" ولا تلغيه، وإن التهدئة ليست خيارا سلميا (موقع معا، 11 أيار / مايو 2011).

حماس على استعداد لمنح السلطة الفلسطينية "فرصة" لتفعيل تحرك أيلول / سبتمبر 2011

12.    تطرق محمود الزهار، من كبار مسؤولي حماس في القطاع، إلى التحرك السياسي في الأمم المتحدة في أيلول / سبتمبر 2011 والذي كانت السلطة تخطط له في حينه، حيث قال إن حماس لا تعلق آمالا على هذا التحرك، وذلك استنادا إلى تجارب الماضي. وأضاف أن ما يحدث "كلام في الهواء" و"سيرك سياسي". وتساءل ماذا ستكون عليه أسس الدولة التي يدور حولها الحديث، وكم ستكون مساحتها، وهل ستضم سكان الضفة الغربية وسكان قطاع غزة. كما تساءل عن مصير 5 ملايين لاجئ فلسطيني في الخارج، وهل سيفقد الفلسطينيون حق العودة (موقع معا، 11 أيار / مايو 2011).

13.    وسئل خالد مشعل عما إذا كانت حماس ستمنح الفرصة لتسوية جديدة (أي للتحرك الذي تخطط له السلطة الفلسطينية). وأجاب بأن العشرين سنة التي مضت منذ مؤتمر مدريد قد أثبتت أن إسرائيل لا تستحق فرصة أخرى لإثبات نفسها، مؤكدا أن حماس، من ناحيتها، ليست في حاجة إلى اختبار آخر، ولكن إذا كان هناك فلسطينيون أو دول عربية تريد وضع إسرائيل أمام اختبار آخر، فإن حماس على استعداد للسماح بذلك لفترة محدودة، من أجل المصلحة الفلسطينية ومن أجل نجاح المصالحة الفلسطينية (لقاء خالد مشعل مع قناة الأقصى، 9 أيار / مايو 2011).

14.    وفي تصريح آخر، أدلى به خلال لقاء له مع وفود "شباب الثورة المصرية"، كرر خالد مشعل استعداد حماس لإعطاء مهلة تدوم سنة أخرى لاختبار نوايا إسرائيل، وذلك من أجل الثورة المصرية والمصالحة الداخلية الفلسطينية، على أن يكون الهدف (المفروض في التحرك الفلسطيني بلوغه) خلال هذه الفترة هو إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود 1967 (وكالة نوفوستي الروسية للأنباء، 10 أيار / مايو 2011).

15.    في مقابلة ل"الشرق الأوسط" (9 أيار / مايو) عاد خالد مشعل فأكد أن الفلسطينيين يمنحون إسرائيل "فرصة أخيرة"، داعيا الفلسطينيين والعالم العربي إلى وضع استراتيجية جديدة ليست هي إعلان الحرب على إسرائيل، وإنما إضافة "أوراق تفاوض" (ستكون تحت تصرف الفلسطينيين. ومن بين "أوراق التفاوض" التي عدّها خالد مشعل "المقاومة" (أي الإرهاب)، "العمل الشعبي"، التحرك ضد جدار الفصل، وملاحقة إسرائيل في كل مكان وممارسة المقاطعة بحقها. وقال إن أمام الفلسطينيين "فرصة ذهبية لملاحقة إسرائيل التي تعادي السلام" (وهي إشارة واضحة إلى تشجيع حملة نزع الشرعية عن إسرائيل، والذي تعتبر المقاطعة من أهم مقوماتها).

رفض شروط "الرباعية"

16.    عاد المتحدثون باسم حماس ورفضوا شروط "الرباعية الدولية" التي تدعو إلى اعتراف حماس بإسرائيل وتخليها عن طريق الإرهاب، بقولهم إن شروط "الرباعية" لم يعد لها مجال بعد المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية. كما قدموا منظورهم القائل بأن إسرائيل لن تنسحب من المناطق عبر التفاوض، وإنما نتيجة للضغوط، وأهمها "المقاومة" (أي طريق الإرهاب). وكرر هؤلاء المتحدثون باسم حماس في هذا السياق أنهم لن يتخلوا عن طريق الإرهاب ("المقاومة") ولن يعترفوا بحق دولة إسرائيل في الوجود.

17.    وأكد أسامة حمدان، المسؤول في حماس، أن الحركة لن تعترف بحال من الأحوال ب"الكيان الصهيوني" ولن تقدم أية تنازلات تتعلق ب"المقاومة" (العنف والإرهاب). وقال إن المقاومة المسلحة في حاجة إلى "تكميل" على شكل مسعى سياسي وشعبي وإنشاء "ثقافة مقاومة إقليمية"، تكون متممة للمقاومة الفلسطينية، وأضاف أن "الرباعية" لم تعد متماسكة، رافضا أي عودة للتفاوض مع إسرائيل، لكون المفاوضات قد تحولت إلى أضحوكة (Palestine-info، 5 أيار / مايو 2011. كما أن خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس اكد أن حماس "حركة مقاومة مقاتلة" وضعت نصب عينيها "تحرير فلسطين"(قناة القدس، 4 أيار / مايو 2011).

18.    بدوره أكدالمسؤول في حماس صالح البردويل أن شروط الرباعية لم تعد ذات صلة بعد التوقيع على اتفاق المصالحة. وقال إن هذه الشروط قرار جائر فرض على الشعب الفلسطيني، في محاولة لإلغاء "المقاومة" التي تعتبر "حقا طبيعيا" للفلسطينيين (قناة الأقصى، 4 أيار / مايو 2011). 

19.    في مقابلة لوكالة رويترز في القاهرة (8 أيار / مايو 2011) أشار خالد مشعل إلى أنه لا يمكن دراسة الاعتراف بإسرائيل قبل إنشاء دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيرا إلى أن على المجتمع الدولي، ولا سيما على الأوروبيين والأمريكيين، احترام القرار الفلسطيني الذي يعتبر شأنا داخليا، ولا يجوز لهم وضع الشروط في هذا الأمر. وأكد أن ضغوط المجتمع الدولي يجب أن توجه إلى إسرائيل وليس بالعكس، حيث قال إن إسرائيل من يحتاج إلى الضغوط، فهي عدو محتل لا يمكن إقناعه أو التحاور معه، بل إنه يحتاج إلى أوراق الضغط، ولن تنسحب (من المناطق التي احتلتها)إلا بالضغوط والإكراه.

20.    وفي المقابلة نفسها سئل خالد مشعل مرة أخرى عما إذا كانت حماس ستكون على استعداد للاعتراف بإسرائيل في إطار اتفاق دائم (وهو أحد شروط "الرباعية")، فرد بالقول إن على الشعب الفلسطيني ممارسة حقه في الدولة المستقلة أولا، واستدرك يقول إنه يجب السماح أولا وقبل كل شيء للشعب الفلسطيني بالعيش على أرضه بحرية وأنشاء دولته المستقلة، ثم يسأل الشعب الفلسطيني وحكمه وقيادته عن موقفه من ذلك (رويترز، 8 أيار / مايو 2011).

21. وأشار موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، عند التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق المصالحة، إلى أن شروط "الرباعية" لا يتضمنها اتفاق المصالحة، لأن "الرباعية" قد زالت ومعها قراراتها التي لم تعد واردة في الاعتبار بالنسبة للفلسطينيين (الجزيرة، 27 نيسان / أبريل 2011). وفي تصريح آخر له أكد أبو مرزوق أن حماس لا تعترف بإسرائيل، داعيا المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في قضية حق إسرائيل في الوجود (الحياة، 1 أيار / مايو 2011).

22.    وأشاد إسماعيل هنية، رئيس حكم حماس، بالاتفاق مؤكدا أنه يعكس الإرادات السياسية للقيادة الفلسطينية، وبالأخص حكم حماس وحركة حماس. ودعا هنية منظمة التحرير الفلسطينية إلى العودة المطلقة عن اعترافها بإسرائيل، لكون وجود إسرائيل غير مشروع من أساسه، مشيرا إلى أن المواقف الإسرائيلية المنفرة جلبت شديد المعاناة على الشعب الفلسطيني (قناة الأقصى، 29 نيسان / أبريل 2011).

[1]   يقوم صلاح البردويل وغيره من المتحدثين باسم حماس بإبراز التمييز بين عدم الاعتراف بإسرائيل دولة ذات طابع يهودي (وهو موضع إجماع فلسطيني) وبين عدم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود (وهو موقف حماس وليس موقف السلطة الفلسطينية)
[2]   ذكر أبو مازن ضمن خطابه أمام "المجلس المركزي" لمنظمة التحرير الفلسطينية (26 نيسان / أبريل 2014)، أن حكومة الوحدة ستكون "حكومة تكنوقراط" تهتم بالشؤون الداخلية، فيما ستكون منظمة التحرير الفلسطينية هي من يتولى إجراء المفاوضات باعتبارها ممثلة للشعب الفلسطيني بكامله، وهو موقف قد ينطوي على إشكالية في نظر حماس التي تعتبر نفسها جزء من القيادة المتخذة للقرارات. وقد يحاول الطرفان تجاوز هذا "اللغم" المحتمل أو طمسه.
[3]وفي مقابلة أخرى أشار خالد مشعل إلى أنه تم الاتفاق مع أبو مازن في مصر على وجوب تحديد موعد للاجتماع بين الجانبين يتحدد فيه، من بين أمور أخرى، "الإطار القيادي المؤقت" للشعب الفلسطيني (قناة الأقصى، 9 أيار / مايو 2011).