حماس تحاول “تبرير” عدم إطلاقها صواريخ خلال مسيرة الأعلام

شريط فيديو نشرته حماس حول إطلاق القذائف الصاروخية التجريبية باتجاه البحر (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)

شريط فيديو نشرته حماس حول إطلاق القذائف الصاروخية التجريبية باتجاه البحر (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)

طاهر النونو في مقابلة مع قناة الأقصى التابعة لحماس (اليوتيوب، 3 يونيو 2022).

طاهر النونو في مقابلة مع قناة الأقصى التابعة لحماس (اليوتيوب، 3 يونيو 2022).

مقطع فيديو لحماس بعد مسيرة الأعلام تتباهى فيه بأنها تمكنت من إدخال إسرائيل في حالة تأهب أمني كامل (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)

مقطع فيديو لحماس بعد مسيرة الأعلام تتباهى فيه بأنها تمكنت من إدخال إسرائيل في حالة تأهب أمني كامل (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)

ملخص موجز
  • في التاريخ الموافق 29 مايو 2022، أقيمت مسيرة الأعلام التقليدية، والتي جابت بناءً على قرار صدر عن الحكومة الإسرائيلية، شرقي القدس وباب العامود. عشية قيام المسيرة، توعدت حماس وغيرها من المنظمات بتصعيد الأوضاع خلال المسيرة، بما في ذلك من قطاع غزة. لكن عمليًا، مرت أحداث المسيرة بهدوء نسبي، باستثناء الاشتباكات المحلية، ورغم التحذيرات المسبقة، لم يسجل أي رد فعل من القطاع خلال قيام المسيرة.
  • وقد أثار عدم الرد من قبل حماس والمنظمات في القطاع خيبة أمل لدى الجمهور الفلسطيني، الذي انتقد الكثيرون منه حقيقة التهديدات من قطاع غزة. وردًا على الانتقادات التي وُجّهت لهم، شدد كبار مسؤولي حماس في البداية على أنه ما حدث في القدس وما زال يحدث هو بالفعل “تجاوز للخطوط الحمراء” ويبرر الرد، لكن حسب قولهم فإن هذا الرد سيتم بالطريقة وفي الوقت اللذين يرونهما مناسبين.
  • وتزامنًا مع ذلك، سعت حماس للادعاء بتحقيق نجاح إعلامي وأمني بعد أن أرهقت التهديدات التي أطلِقت عشية مسيرة الأعلام إسرائيل أمنيًا وسياسيًا وعسكريًا، مما أجبرها على تغيير مسار المسيرة. كما وادعوا بأن إسرائيل قد اضطرت إلى التقدم إلى حماس عبر الوسطاء بطلب عدم قيام الأخيرة بالرد. وفي هذا السياق، شددت قيادات حماس على أن الضغوط التي مارسها بعض الدول والوسطاء لم تؤثر على قرارها بعدم الرد.
  • ومع مرور الوقت واستمرار الانتقادات، أخذت ردود فعل حماس طابعًا اعتذاريًا أكثر. حيث ذكر عدد من كبار المسؤولين في حماس والمحللين المقربين من الحركة سلسلة من الأسباب التي بررت عدم الرد، بما فيها حالة الجاهزية العالية في إسرائيل نظرًا للمناورة التي نفذها الجيش الإسرائيلي في تلك الأيام، وغياب عنصر مفاجأة بعد أن جعلت التهديدات القوات الإسرائيلية تدخل في حالة تأهب، وكذلك عدم الرغبة بإقحام قطاع غزة في معركة أخرى وغير ذلك.
  • اليوم، بعد مرور عام واحد على عملية “حارس الأسوار”، تفضل حماس الامتناع قدر الإمكان عن خوض معركة جديدة في قطاع غزة . وعلى الرغم من سلسلة التهديدات التي أطلقها كبار مسؤولي حماس عشية إقامة مسيرة الأعلام، يبدو أن عدم الرد من قبل حماس كان يعود إلى نفس الاعتبارات العملية. حيث أجبرت الانتقادات التي وجهتها جهات مختلفة بعد عدم الرد حماس على محاولة شرح دوافع قرارها بنبرة اعتذارية. ويبدو أن حماس، التي صورت نفسها كحامية أورشليم القدس والأماكن المقدسة للإسلام، ستتمادى في محاولتها لتأجيج الوضع الميداني في القدس والضفة الغربية ومحاولة زعزعة الوضع الأمني في المناطق التابعة للسلطة الفلسطينية ولكن وفي الوقت نفسه هي ستحرص قدر الإمكان على الحفاظ على الهدوء السائد في قطاع غزة.
مسيرة الأعلام
  • في التاريخ الموافق 29 مايو 2022، أقيمت مسيرة الأعلام التقليدية، والتي جابت بناءً على قرار صدر عن الحكومة الإسرائيلية، شرقي القدس وباب العامود. تسبب القرار بشأن مسار المسيرة في موجة من ردود الفعل الفلسطينية. وأضيف إلى هذه التوترات أيضًا بيان صدر عن جهات يهودية مفاده نيتهم الصعود إلى الحرم القدسي الشريف في يوم القدس وقرار حكم صدر عن محكمة الصلح والذي نص على السماح لليهود بأداء الصلاة في الحرم القدسي الشريف. وأطلقت المنظمات الفلسطينية تهديدات وحذرت من العواقب المختلفة لإقامة المسيرة ولصعود اليهود إلى الحرم القدسي الشريف.
  • ووصف مسؤولو حماس أحداث المسيرة بكونها “تجاوزًا للخطوط الحمراء”، مشيرين إلى أن إقامة المسيرة على المسار المحدد لها تعني التصعيد بالنسبة لهم. في حين دعت المنظمات الجمهور الفلسطيني إلى إطلاق انتفاضة ميدانية، بما في ذلك استخدام السلاح. كما ولمحت إلى احتمال إطلاق قذائف صاروخية أمثال تلك التي تم إطلاقها خلال المسيرة التي أقيمت في شهر مايو 2021 واحتمال فتح جولة أخرى من القتال (“سيف القدس 2”). مع ذلك، الغالبية العظمى من دعوات المقاومة وتأجيج الوضع الميداني كانت موجهة إلى عرب إسرائيل وشرقي القدس، مع الحرض على الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة.
  • في التاريخ الموافق 28 مايو 2022، عشية قيام مسيرة الأعلام، أطلقت المنظمات في قطاع غزة ثمانية قذائف صاروخية تجريبية من منطقة جنوب قطاع غزة باتجاه البحر. وبحسب ما تم نشره، فقد تم إطلاق تلك القذائف الصاروخية في إطار تطوير قدرات “المقاومة”، وأشير إلى أن المنظمات في قطاع غزة تحذر إسرائيل من مغبة اقتحام المستوطنين للأقصى خلال مسيرة الأعلام (الرسالة، 28 مايو 2022).
شريط فيديو نشرته حماس حول إطلاق القذائف الصاروخية التجريبية باتجاه البحر (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)
شريط فيديو نشرته حماس حول إطلاق القذائف الصاروخية التجريبية باتجاه البحر
(فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)
  • على خلفية التهديدات، أفادت الأنباء أن إسرائيل نقلت رسائل، عبر الوسطاء، مفادها كونها غير معنية بالاستفزاز وأن مسيرة الأعلام ستقام على نفس المسار الذي تم اتباعه خلال السنوات السابقة. حيث ستمر المسيرة من باب العامود لكنها لن تصل إلى المسجد الأقصى. وقد وجهت إسرائيل رسالة إلى المنظمات محذرةً إياها من الإقدام على إطلاق القذائف الصاروخية كون ذلك سيؤدي إلى رد إسرائيلي واسع النطاق على قطاع غزة (الميادين، 25 مايو 2022).
  • مرت أحداث المسيرة بهدوء نسبي باستثناء عدد من الاشتباكات المحلية. ورغم التحذيرات المسبقة، لم يسجل أي رد من القطاع خلال المسيرة.
ردود فعل حماس على خلفية الانتقادات
  • على خلفية عدم رد حماس، بدأ الرأي العام الفلسطيني يدلي بانتقاداته ويعبّر عن خيبة أمله من أن حماس وغيرها من المنظمات في قطاع غزة لم تنفذ التهديدات التي وجهتها قبل الحدث وامتنعت عن الرد. حيث تمت الإشارة ضمن الانتقادات التي وردت على مواقع التواصل الاجتماعي والمقالات التحليلية في الصحافة الفلسطينية إلى أن التهديدات التي تم توجيهها عشية المسيرة رفعت من سقف التوقعات بيد أنها لم تتحقق في نهاية المطاف.
  • وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلى الخطاب الناري الذي ألقاه يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، والذي ألقاه قبل شهر من المسيرة، ودعا فيه الفلسطينيين إلى الاستعداد لشن حملة كبرى دفاعًا عن مسجد الأقصى، بل وأشار إلى أن أول وابل من القذائف الصاروخية سيكون تعداده 1111 قذيفة (علمًا بأن تأريخ وفاة ياسر عرفات يصادف في 11.11) (قناة حماس على التلغرام، 30 أبريل 2022). اتهمت صحيفة الحياة الجديدة، التي تُعتبر الصحيفة الرسمية للسلطة الفلسطينية، حماس بإطلاق الشعارات الكاذبة (الحياة الجديدة، 31 مايو 2022). في حين نشرت صحيفة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله مقالاً عن خيبة الأمل السائدة في قطاع غزة وغضب الفلسطينيين من حماس التي لم ترد كما وعدت (الأخبار، 31 مايو 2022).
  • بينما رحبت حماس بالفلسطينيين الذين جاؤوا للتصدي لأجهزة الأمن الإسرائيلية في شرقي القدس وحاولت في الوقت نفسه الرد على الانتقادات وشرح سبب عدم قيام الأجنحة العسكرية التابعة للمنظمات في قطاع غزة، وعلى رأسها الجناح العسكري لحركة حماس، بالرد من خلال إطلاق القذائف الصاروخية على ما حدث.
  • ولم ينفِ مسؤولو حماس في تصريحاتهم أن ما حدث في القدس وما زال يحدث هناك يبرر الرد، لكنهم قالوا إن ذلك الرد سيتم بالشكل والوقت الذي يرونه مناسبًا.[1] . كما وحرصوا على التأكيد على أن الضغوط التي مورست عليهم من قبل الوسطاء وبعض الدول العربية لم تؤثر على قرارهم بعدم الرد. فعلى سبيل المثال، نُقل عن “جهة تابعة للمقاومة” نفيها ما تردد عن استسلام “المقاومة” للضغوط المصرية والقطرية. وأشارت إلى أنه كان هناك بالفعل تدخل من بعض الدول العربية ولكن لا يصح القول إن “المقاومة” لم ترد في ضوء تلك المحادثات (رأي اليوم، 4 يونيو 2022).
  • وبرر طاهر النونو، المستشار الإعلامي لإسماعيل هنية عدم الرد مشيراً إلى أن قيادة “المقاومة” قد تصرفت بحكمة في الرد على مسيرة الأعلام. وحسب قوله فإن المواجهة مع إسرائيل هي بمثابة مواجهة استراتيجية مفتوحة. مشيرًا كذلك إلى أن حدة المواجهة مع إسرائيل يجب أن تشتد ليس فقط في قطاع غزة بل في كافة المناطق الفلسطينية (قناة الأقصى، 3 يونيو 2022).
طاهر النونو في مقابلة مع قناة الأقصى التابعة لحماس (اليوتيوب، 3 يونيو 2022).
طاهر النونو في مقابلة مع قناة الأقصى التابعة لحماس (اليوتيوب، 3 يونيو 2022).
  • وصرحت جهات تابعة لحماس بأنه يجدر الافتخار بتجنب خوضها “معركة غير مدروسة” ضد إسرائيل في التوقيت الذي أراده الجيش الإسرائيلي وكان في حالة تأهب قصوى. كما وأشارت إلى أن قطاع غزة دفع الثمن لوحده في المرة السابقة، وأن القدس ملك لجميع الفلسطينيين، وبالتالي يتعين على الجميع تحمل العبء (الرسالة، 30 مايو 2022). وأشارت رسامة الكاريكاتير أمية جحا، المقربة من حماس، إلى أن غزة تعيش في أمان ما دامت “المقاومة الحكيمة تحميها”، مؤكدة على أن غزة التي شهدت أربع حروب خلال أقل من 13 عامًا، تستحق الاستراحة الآن (حساب أمية جحا على التويتر، 30 مايو 2022).
  • وقد ذهب البعض حتى إلى الإشارة إلى أن التهديدات التي وُجِّهت عشية مسيرة الأعلام ردعت إسرائيل ودفعتها إلى تغيير مسار المسيرة التي توقفت عند باب العامود ولم تدخل الحي الإسلامي كما كان مخططًا لها (فلسطين، 1 يونيو 2022). كما وادعوا بأن التهديدات أجبرت إسرائيل على التوجه إلى حماس عبر الوسطاء لمطالبة حماس بعدم الرد. وأشار محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحماس، إلى أن حماس لم ترد على مسيرة الأعلام الإسرائيلية لأن ذلك لم يكن ضروريًا كون إسرائيل قد “استسلمت” لكافة شروطها (حساب قناة عودة على التويتر، 3 يونيو 2022).
  • وأشار المتحدث باسم حماس، فوزي برهوم، في هذا السياق إلى أن التهديدات أدت إلى تقييد مسار المسيرة وإلى العديد من التغييرات التي قامت بها إسرائيل. حيث نجحت المنظمات، على حد قوله، في إرهاق إسرائيل أمنيًا وسياسيًا وعسكريًا ووضع القوة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في مواجهة القوة الشعبية الفلسطينية التي خرجت للتعبير عن غضبها (إلغد، 31 مايو 2022). إبراهيم المدهون، صحفي وناشط حمساوي من غزة والذي يقيم حاليًا في إسطنبول، يتباهى بمقطع فيديو نشره بحالة التأهب والضغط الذي دخلته إسرائيل بسبب مسيرة الأعلام التي قال إنها كلفت إسرائيل ثمنًا باهظًا (حساب ابراهيم المدهون على التويتر، 30 أبريل 2022).
  • ونشرت حماس مقطع فيديو سلطت فيه الضوء على “انتصارها” في المعركة الإعلامية والدعائية ضد إسرائيل في حدث مسيرة الأعلام، وفي أنها تمكنت من إيقاع إسرائيل في كمين الحرب النفسية. حيث تؤكد حماس في هذا المقطع كيفية تمكنها من وضع الأجهزة الأمن الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى قُبيل يوم القدس، والتي شملت تجنيد 3000 فرد من أفراد الشرطة الذين تم نشرهم في القدس. ويؤكد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي يظهر في الشريط أنهم سيتصدون بكافة الوسائل دون أدنى شك. ويذكر المقطع أيضًا أنه عشية مسيرة الأعلام، تم القيام بإطلاق قذائف صاروخية تجريبية باتجاه شاطئ غزة بغية إيصال رسالة بشأن جدية التهديدات (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022).
مقطع فيديو لحماس بعد مسيرة الأعلام تتباهى فيه بأنها تمكنت من إدخال إسرائيل في حالة تأهب أمني كامل (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)
مقطع فيديو لحماس بعد مسيرة الأعلام تتباهى فيه بأنها تمكنت من إدخال إسرائيل في حالة تأهب أمني كامل (فلسطين بين يديك، 30 مايو 2022)
  • في وقت لاحق، ومع استمرار الانتقادات التي أحرجت مسؤولي حماس، بدأ مسؤولو الحركة والمحللون المقربون منها، وغيرهم من الجهات في سرد سلسلة من الأسباب الاعتذارية لعدم وجود رد عسكري. من بين الأسباب يمكن ذكر ما يلي:
    • ضغوط مارسها بعض الدول والوسطاء لحثهم على منع تدهور الوضع: أشار طاهر النونو المستشار الإعلامي لإسماعيل هنية إلى أن عددًا من الوسطاء اتصلوا بهنية للعمل على احتواء الوضع ومنع المزيد من التصعيد (الرسالة، 29 مايو 2022). فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، قال إن العديد من الوسطاء قد اتصلوا بحماس لضمان أن الوضع لن يتصاعد إلى حرب مع إسرائيل (الغد، 31 مايو 2022).
    • توقيت غير مناسب لأن جيش الدفاع الإسرائيلي كان في حالة تأهب قصوى بسبب المناورة الحربية: هارون ناصر الدين، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قال إن الشيء الوحيد الذي منعهم من الرد كان رغبتهم في أن تكون إسرائيل هي التي تحدد ظروف المعركة لا سيما في ضوء حقيقة أنها كانت جاهزة ومتوقعة لها. ذلك بالإضافة إلى المناورة العسكرية التي أجريت في تلك الفترة (فلسطين، 1 يونيو 2022).
    • في ظل التهديدات المسبقة، تم تحييد عنصر المفاجأة: خضر حبيب، القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، قال إن “المقاومة” تسعى إلى تحقيق إنجاز من خلال المفاجأة وبما أن إسرائيل في هذه الحالة كانت في حالة تأهب وجاهزة للمواجهة، فلم يكن ضربها سيحقق إنجازًا كبيرًا. وأضاف أنهم سينتظرون وقتًا لن تكون فيه إسرائيل جاهزة (سبق24، 30 مايو 2022).
    • اعتبار تجنب التصعيد بعد مرور عام واحد على المواجهة السابقة: أشار البعض إلى أنه رغم الإجراءات التي اتخذتها المنظمات للاستعداد، توصل قادة حماس وغيرها من المنظمات إلى قناعة بأنه ينبغي تجنب التصعيد الذي كان من شأنه أن يؤدي بقطاع غزة إلى معركة أخرى لم يكن يستطيع تحمل تداعياتها بعد مرور عام واحد على عملية “حارس الأسوار” (القدس، 30 مايو 2022).
    • أرادت إسرائيل حل مشاكلها الداخلية من خلال شن معركة عسكرية: في هذا السياق، أشار هارون ناصر الدين إلى أن الحكومة الإسرائيلية تمر بأزمة داخلية وتريد الخروج منها عبر شن معركة خارجية مما أدى بـ “مقاومة” في غزة إلى عدم الانجرار وراء الخطة الإسرائيلية (فلسطين، 1 يونيو 2022).
آراء المحللين
  • لقد طرح محللون مقربون من حماس حججًا مماثلة، حيث قالوا إن مجرد اتخاذ حماس لقرار عدم الرد رغم ما تعرضت له من ضغوط هائلة من قبل الجمهور يثبت أن قيادة حماس تتصرف برزانة وبعقلانية:
    • وأشار المحلل حسام الدجاني، المحسوب على حماس، إلى أن عدم الرد من غزة يعود إلى مزيج من تحليل للوضع الميداني في غزة، وتحليل للظروف الاستراتيجية لدى الطرفين. ومع ذلك، فإن عدم الرد لا يشير إلى إغلاق الأمر. إذ تشكل “المقاومة” مشروعًا مستمرًا ومن يقرر زمان ومكان الرد هي الأجنحة العسكرية وغرفة العمليات المشتركة. كما وأشار أيضًا إلى أنه لو كانت تندلع اشتباكات واسعة النطاق في الضفة الغربية والقدس، لكان موقف “المقاومة” مختلفًا بلا شك، لكن وبما أن الاشتباكات كانت محدودة، فقد تصرفت بشكل معتدل بحيث لن يركز الرد الإسرائيلي على قطاع غزة خاصةً في ضوء حقيقة عدم مرور سوى عام واحد منذ نشوب المعركة السابقة (الجزيرة، 20 مايو 2022).
    • وقد لخص يوسف فارس، مراسل جريدة “الأحبار” اللبنانية في قطاع غزة المحسوبة على حزب الله، الأمر في مقال بعنوان “اعتبارات تمنع الانفجار”. قائلاً إنه ومع أن عدم تحرك “المقاومة” في قطاع غزة سمح لإسرائيل بالفوز بجولة واحدة في معركة الوعي والتباهي بتحقيق إنجاز رمزي في مجال “بسط السيادة”، إلا أن “المقاومة” كانت لديها أسباب منطقية لتجنب التصعيد، وعلى رأسها الاستعداد الإسرائيلي غير المسبوق، فالذهاب إلى حرب كان بمثابة الإقدام على الانتحار. وقد سرد عددًا من الأسباب التكتيكية الأخرى التي أدت إلى عدم الرد منها تواجد العديد من الطائرات الإسرائيلية في سماء القطاع غزة خلال الساعات التي سبقت المسيرة، ومحاولات جيش الدفاع الإسرائيلي جر المنظمات لإطلاق النار على أهداف وهمية على حدود القطاع وغيرها (الأخبار، 30 مايو 2022).  
    • وفي صحيفة “الرسالة” التابعة لحماس، أفادت أنباء أن قيادة “المقاومة” قررت عدم الرد على مسيرة الأعلام من منطلق الاعتبارات العديدة. وبعد إجراء تقييم للأوضاع، هي أدركت أن التوقيت الحالي غير مناسب وسيخدم إسرائيل التي كانت مستعدة للمواجهة. وأكد المقال أن هذا يشير إلى أن القيادة تصرفت بذكاء ومن منطلق الاعتبارات الحكيمة، فالجميع يعلم أن “المقاومة” كانت قادرة على أن تطلق القذائف الصاروخية لتفسد احتفالات مسيرة الأعلام على غرار ما حدث قبل عام. “المقاومة” تنوي الرد ولكن ليس حينما تكون إسرائيل مستعدة للرد (الرسالة، 31 مايو 2022).

[1] ويشار إلى أنه في غضون ذلك، وردت أنباء عن العودة إلى الروتين في قطاع غزة بعد رفع مستوى التأهب خلال الأيام التي سبقت مسيرة الأعلام واتخاذ عدد من الخطوات على الأرض خوفًا من التصعيد.